الغشاوة

-----

لنفهم ماهية الغشاوة فهما صحيح، دعونا ننظر لهاتين الآياتين اللتين تكلمتا عن الغشاوة في القرآن الكريم:-

" يقول عز وجل (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة2: 7).

" يقول عز وجل (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) (الجاثية45: 23).

ماذا نلاحظ؟

- نلاحظة أن الختم في الآية الأولى يحتمل أن يكون إما (على القلب) وبهذا تكون الغشاوة (على السمع والبصر)، ويحتمل أن يكون الختم (على القلب والسمع) معاً، وبهذا تكون الغشاوة (على البصر).

- الآية الثانية توضح لنا الصورة، حيث من الواضح أن الختم (على السمع والقلب) والغشاوة (على القلب)، وبهذا يكون الوقف الصحيح في الآية الأولى بعد كلمة (سمعهم). فالختم للقلب والسمع والغشاوة للبصر.

السؤال الآن، ما العلاقة بين السمع والبصر من جهة، وبين القلب من جهة أخرى؟ وللإجابة على هذا السؤال، علينا أن نتذكر أن الإنسان يتركب من (جسد ونفس وروح) بالإضافة لقرين الجان والملائكة الحافظة، أما السمع والبصر فهما أعضاء من جسد الإنسان، وأما القلب فهو جوهر النفس، النفس لا ترى ولا تسمع لذلك فهي بحاجة للجسد ليجمع لها المعلومات من حولها من خلال الحواس وأهمها على الإطلاق حاستي السمع والبصر، فعندما نسمع صوت أو نرى صورة من خلال الأذن والعين، تنتقل المعلومات للدماغ ويقوم الفؤاد والذي هو الوحدة الواعية في الدماغ بتحليل هذه المعلومات وعقلها وإرسال مضمونها للقلب حيث يقرر القلب ماهية وكيفية الإستجابة المناسبة عليها، ويقوم القلب بإرسال هذه الإستجابة للفؤاد من جديد، حيث يتولى الدماغ أمر تنفيذ هذه الأوامر.

الأصل أن كل معلومة نحصل عليها من خلال إحدى حواسنا أن تذكرنا بالله وتدلنا عليه، وتدلنا على عظمته سبحانه وتعالى، وهذه الغشاوة التي تغشى عيوننا مع أنها لا تمنع عنا الرؤية، إلا أنها تشوش علينا تذكر الله عز وجل ورؤية عظمته من خلال ما نرى بعيوننا، والرحمة العظيمة منه عز وجل أنه قد جعل الغشاء على العيون وليس على القلوب، لإن إزالة غشاوة العيون أسهل بكثير من إزالة غشاوة القلوب.