نبضات من التفسير في سورة الفاتحة الحلقة الثالثة - الكِبْر عكس العبادة
HTM |
|
Wave |
الموضوع |
موضوع |
|
|
|
نبضات من التفسير في سورة الفاتحة الحلقة الثالثة - الكِبْر عكس العبادة |
4355 |
|
|
4148 |
||
|
|
|
4 |
الكِبْر عكس العبادة
-----------
النفس البشرية خلقت بنجدين (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) (البلد: 10)، نجدُ التقوى ونجدُ الفجور، ولكن الفجور أصلٌ غالب في النفس، يقول عز وجل (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) (الشمس: 8)، فقد قدّم عز وجل الفجور على التقوى، وهذا الفجور يؤدي بالإنسان إلى الكفر وعدم الشكر، يقول عز وجل (قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ) (عبس: 17)، ويقول (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) (سبأ: 13)، والسبب في تغلب الفجور على التقوى هو أن النفس تشعر بأن قيمتها أعلى من غيرها، فهي نفس متكبرة، وهذا الكِبْر أو الكبرياء يجعل هذه النفس تنظر لمصلحتها الذاتية بدون أي إعتبار لحقوق الآخرين، حتى لو أدى ذلك لأن تقوم بفعل ما نهاها الله عنه أو أن تمتنع عن فعل ما أمرها به. ولو نظرنا لسبب أول معصية في السماء عندما رفض إبليس السجود لآدم، حيث يقول عز وجل (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (البقرة: 34)، ويقول (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ) (ص: 75)، ويقول (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (الأعراف: 12)، سنجد أن إبليس عصى الله لأنه ظن أنه (خير) من آدم، وهذا من (إستكباره) وشعوره (بعلو) نفسه، وماذا كانت نتيجة (المعصية)؟ كانت أن أصبح إبليس (من الكافرين). فالكِبْر هو أن تترك نفسك تقوم بما تهوى من فجور بلا رادع ولا مانع ولا حاكم ولا ضابط ولا ممسك. وعكس الكِبْر هو ضبط النفس وتذليلها وإجبارها على الطاعة وتذليلها ومنعها عن المعصية. |