نبضات من التفسير في سورة الفاتحة الحلقة الرابعة - لماذا خَلَقَنا اللهُ؟
HTM |
|
Wave |
الموضوع |
موضوع |
|
|
|
نبضات من التفسير في سورة الفاتحة الحلقة الرابعة - لماذا خَلَقَنا اللهُ؟ |
4360 |
|
|
4359 |
||
|
|
|
4 |
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ - 2
لماذا خَلَقَنا اللهُ؟
---------
لنبدء بالقاعدة الأهم، ألا وهي أن الله (غنّي) وأن كل مخلوقاته (فقراء) له عز وجل، يقول سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (فاطر:15)، ويقول (وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ) (محمد:38)، فأي سبب نطرحه ليكون سبب الخلق ونجد فيه حاجة لله سيكون خطأ، علينا أن نبحث عن سبب صحيح لا يجعل الله محتاجاً لا من قريب ولا من بعيد، قد يقول قائل (أن الله خلقنا لنستدل على وحدانيته)، وهذا ليس بصحيح، ذلك أن الله ليس بحاجة لأن نستدل على وحدانيته فهو عز وجل لا ينفعه شيء ولا يضره شيء، فلن ينفعه إن عرفنا أنه عز وجل واحد أحد، ولن يضره جهلنا بهذه الحقيقة، حتى معرفتنا بوحدانيته، إنما جاءت منه سبحانه وتعالى، فهو صاحب العلم يؤتي علمه من يشاء (وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا) (البقرة:31)، وقالت الملائكة (سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا) (البقرة:32)، وفي الحديث القدسي (يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم) (صحيح مسلم) وقد يقول قائل أنَ الله خلقنا لعبادته حيث يقول عز وجل (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56)، أما قول الله فهو حق، وأما فهمنا له هنا فهو الخطأ، فليس سبب الخلق هو العبادة، ذلك أن الله لا يحتاج لعبادتنا، كما أنه لا يحتاج طعامنا ولا شرابنا ولا قيامنا ولا قعودنا ولا عملنا ولا قوتنا ولا حولنا ولا جاهنا ولا سلطاننا ولا عِلمنا، فهو عز وجل غنيٌ عن كل ما لدينا، بل أن كل ما لدينا هو من عند الله، فهو لله وسيرثه سبحانه وتعالى. فإن أمعنا البحث سنجد أن الله خلقنا (عطاءاً كاملاً، كرماً ورحمةً ومحبةً منه عز وجل)، فلو أنه لم يحبنا عز وجل فلماذا يخلقنا؟ ولماذا يدبر امرنا؟ ولماذا يطعمنا؟ ولماذا يَسقينا؟ ولماذا يُدخلنا الجنة؟ إلا رحمةً منه سبحانه وتعالى، يقول عز وجل (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) (الفرقان:59)، لاحظ كلمة (الرحمن)، فخلق السماوات والأرض وما بينهما إنما كان من رحمة الرحمن ولم يكن لحاجة لله سبحانه وتعالى رب العالمين، ويقول عز وجل (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) (يونس:3)، لاحظ أن إستواء الله على العرش إنما كان ليدبر الأمر، فالله هو المعطي والمخلوقات هي التي تأخذ، فلم يخلقنا عز وجل لنقدم له شيء، ولكنه بعدما خلقنا سبحانه وتعالى قدم لنا كل ما بين يدينا، يقول عز وجل (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ) (يونس:31)، ولقد سخر لنا سبحانه وتعالى السماوات والارض وكل ما فيها من كرمه ومحبته وعطاءه ورحمته، يقول عز وجل (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) (الرعد:2). |