نبضات من التفسير في سورة الفاتحة الحلقة الرابعة - هل دخول الجنة بالعبادة، أم برحمة الله؟
HTM |
|
Wave |
الموضوع |
موضوع |
|
|
|
نبضات من التفسير في سورة الفاتحة الحلقة الرابعة - هل دخول الجنة بالعبادة، أم برحمة الله؟ |
4361 |
|
|
4359 |
||
|
|
|
4 |
هل دخول الجنة بالعبادة، أم برحمة الله؟
----------------------
طالما أن الله خلقنا من واسع رحمته وجزيل عطاءه وخالص محبته، فمن الطبيعي أن يخلق لنا الجنة لنسكنها، هذه الجنة التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال بشر، هذه الجنة التي عرضها بعرض السماوات والأرض، وإرتفاعها مئة ضعف المسافة بين السماء والأرض، هذه الجنة التي فيها الخلود المقيم، ورضى الله، ولذةُ النظر لوجهه الكريم، فالجنة هي دار المقام، وسكن المؤمنين، قال عز وجل لأبونا آدم وأمنا حواء (وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا) (البقرة:35)، ولو أننا سألنا أنفسنا عن الثمن الذي قدمه آدم ليسكن الجنة، فلن نجد له عمل ولا عبادة ولا هو قدم شيء ليدخل فيه الجنة، إنما دخل الجنة برحمة الله، وفي الحديث عن إبن خزيمة عن أبو هريرة عنه صلى الله الله عليه وسلم أنه قال (لما خلق الله آدم، ونفخ فيه الروح عطس فقال الحمد لله، فحمد الله بإذن الله تبارك وتعالى، فقال له ربك: رحمك الله يا آدم)، كما أنه صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن دخول الجنة إنما يكون برحمة الله وليس بأعمالنا، فقد جاء في صحيح مسلم (ما من أحد يدخله عمله الجنة فقيل: ولا أنت؟ يا رسول الله! قال: ولا أنا. إلا أن يتغمدني ربي برحمة) وفي رواية أخرى (لا يدخل أحد منكم عمله الجنة. ولا يجيره من النار. ولا أنا. إلا برحمة من الله)، وفي أخرى (سددوا وقاربوا. وأبشروا. فإنه لن يدخل الجنة أحدا عمله. قالوا: ولا أنت؟ يا رسول الله! قال: ولا أنا. إلا أن يتغمدني الله منه برحمة. واعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل)، وجاء في سنن الترمذي عن أبي هريرة (إن رجلين ممن دخل النار ، اشتد صياحهما فقال الرب تبارك وتعالى أخرجوهما، فلما أخرجا قال لهما: لأي شيء اشتد صياحكما؟ قالا: فعلنا ذلك لترحمنا، قال: إن رحمتي لكما أن تنطلقا فتلقيا أنفسكما حيث كنتما من النار فينطلقان. فيلقي أحدهما نفسه فيجعلها عليه بردا وسلاما، ويقوم الآخر فلا يلقي نفسه، فيقول له الرب تبارك وتعالى ما منعك أن تلقي نفسك كما ألقى صاحبك فيقول يا رب إني لأرجو أن لا تعيدني فيها بعد ما أخرجتني فيقول له الرب تبارك وتعالى لك رجاؤك فيدخلان الجنة جميعا برحمة الله)، وعن عبد الله بن عباس عن إبن خزيمة عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (للأنبياء منابر من ذهب، فيجلسون عليها - قال: ويبقى منبري، لا أجلس عليه ولا أقعد عليه، قائم بين يدي ربي مخافة أن يبعث بي إلى الجنة وتبقى أمتي بعدي، فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقول الله عز وجل: يا محمد ما تريد أن نصنع بأمتك؟ فأقول: يا رب عجل حسابهم فيدعا بهم، فيحاسبون، فمنهم من يدخل الجنة برحمة الله، ومنهم من يدخل الجنة بشفاعتي، فما أزال أشفع حتى أعطى صكاكا برجال قد بعث بهم إلى النار، وحتى أن مالكا - خازن النار - يقول: ما تركت للنار، لغضب ربك في أمتك من نقمة)، وجاء في الترغيب والترهيب عن جابر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خرج من عندي جبريل آنفا فقال: يا محمد والذي بعثك بالحق، إن لله عبدا من عباده عبد الله خمسمائة سنة على رأس جبل في البحر عرضه وطوله ثلاثون ذراعا في ثلاثين ذراعا، والبحر محيط به أربعة آلاف فرسخ من كل ناحية، وأخرج له عينا عذبة بعرض الأصبع تفيض بماء عذب فيستنقع في أسفل الجبل، وشجرة رمان تخرج له في كل ليلة رمانة يتعبد يومه، فإذا أمسى نزل فأصاب من الوضوء، وأخذ الرمانة فأكلها؛ ثم قام لصلاته فسأل ربه عند وقت الأجل أن يقبضه ساجدا، وأن لا يجعل للأرض ولا لشيء يفسده عليه سبيلا حتى يبعثه الله وهو ساجد. قال: ففعل فنحن نمر عليه إذا هبطنا وإذا عرجنا، فنجد له في العلم أنه يبعث يوم القيامة فيوقف بين يدي الله، فيقول الرب: أدخلوا عبدي الجنة برحمتي فيقول: رب بل بعملي فيقول: أدخلوا عبدي الجنة برحمتي، فيقول: رب بل بعملي فيقول: قايسوا عبدي بنعمتي عليه وبعمله، فتوجد نعمة البصر قد أحاطت بعبادة خمسمائة سنة، وبقيت نعمة الجسد فضلا عليه فيقول: أدخلوا عبدي النار، فيجر إلى النار فينادي: رب برحمتك أدخلني الجنة، فيقول: ردوه فيوقف بين يديه فيقول يا عبدي مَنْ خلقك ولم تك شيئا؟ فيقول: أنت يا رب، فيقول: من قواك لعبادة خمسمائة سنة فيقول: أنت يا رب فيقول من أنزلك في جبل وسط اللجة، وأخرج لك الماء العذب من الماء المالح، وأخرج لك كل ليلة رمانة، وإنما تخرج مرة في السنة، وسألته أن يقبضك ساجدا ففعل؟ فيقول: أنت يا رب، قال: فذلك برحمتي، وبرحمتي أدخلك الجنة أدخلوا عبدي الجنة فنعم العبد كنت يا عبدي فأدخله الله الجنة، قال جبريل: إنما الأشياء برحمة الله يا محمد). |