نبضات من التفسير في سورة الفاتحة الحلقة السابعة - الدرجات ومقارنة النعم
HTM |
|
Wave |
الموضوع |
موضوع |
|
|
|
نبضات من التفسير في سورة الفاتحة الحلقة السابعة - الدرجات ومقارنة النعم |
4368 |
|
|
4178 |
||
|
|
|
4 |
الدرجات ومقارنة النعم - 2
----------------
قلنا أن النعم ليست وسيلة تفضيل، بل هي وسيلة من وسائل الإبتلاء، والمقصد منها أن تشكر الله على النعمة التي أنعمها عليك، لتبقى هذه النعمة ولتزيد، فإن لم تشكره عز وجل تكن قد كفرته سبحانه وتعالى، فالإنسان إما شاكراً وإما كفوراً، وأفضل ما يكون فيه شكر النعمة هو إستخدام هذه النعمة بما يَرضى عنه المنعم، فلا تستخدم عينيك في النظر لحرام، ولا تستخدم إذنيك في الإستماع لحرام، ولا تستخدم لسانك في الكذب أو الغش أو الخداع، ولا تستخدم يديك في أذية الناس أو سرقتهم، ولا تستخدم قدميك في السير لحرام، وهكذا، ولا تنسى أن الحمد أعم من الشكر وأكبر منه، فأنت تشكر الله على النعمة التي وصلتك، ولكنك تحمد الله على كل نِعَمِهِ أي تلك التي وصلتك وتلك التي وصلت باقي الناس، وبهذا نسألُ أنفسنا، كيف تكون من الحامدين وأنت تنظر بعين الحسد لنعمةٍ بين يدي أخوك المسلم؟ ولا تنسى قوله صلى الله عليه وسلم ?لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه?، فالإيمان لا يتم ولا يكتمل إلا بتهذيب نفسك بحيث تشعر بالحسن عندما تنظر للنعم التي أنعم الله بها على إخوانك المسلمين، حتى لو لم تكن هذه النعمة بين يديك، فنعم الله على الغير لا تعني أن هذا الغير افضل منك عند الله، ولكن تصرفاتك أنت بما تحويها من فجور وتقوى هي التي تحدد مدى أفضليتك عند الله ?إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم? ?الحجرات49: 13?، ونُذِكّر من جديد، أن النعم من الله، وأن ما كان من الله فهو حق، وهو خير، وأنه لا يأتي منه عز وجل شر، فإنْ أنتَ نظرت بعين الشر لعطية الله، فإن الشر من نفسك، فما أعطاك الله فهو خير لك حتى لو كرهته، وما منعه عنك سبحانه وتعالى فهو شر لك حتى لو أحببته، يقول عز وجل ?وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ? ?البقرة2: 216?، وتذكر أنه إذا كان عند غيرك شيء ما لا يوجد عندك فإنه من المؤكد أن عندك شيء ما لا يوجد عنده، وفي المحصلة فإن ما عندك وما عنده يتساوى، يقول عز وجل ?وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ? ?فصلت41: 10?، لاحظ كلمة ?سَوَاءً?، أي بشكل متساوي، فارزاقك مكتوبةٌ في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والارض بخمسين الف سنة، ولا تموت نفسٌ حتى تستوفي رزقها، فإذا ما حَرَمَكَ عز وجل شيئاً في الدنيا فإن هذا يعني أنه يريد ان يبدله لك بشيء أفضل منه في الآخرة، يقول عز وجل ?انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا? ?الإسراء17: 21?، ويقول ?وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى? ?الضحى93: 4?، فلا تحزن ولا تخف ولا تستعجل الرزق من الله، فإنك إن إستعجلت على رزقك، قد يأتي الرزقُ مسرعاً ولكن بدل أن يأتيك حلالاً طيباً فإنه قد يأتيك صدقةً أو قد يأتيك حراماً. |