نبضات من التفسير في سورة الفاتحة الحلقة العاشرة - هل الهداية مفروضة جبراً على الإنسان؟
HTM |
|
Wave |
الموضوع |
موضوع |
|
|
|
نبضات من التفسير في سورة الفاتحة الحلقة العاشرة - هل الهداية مفروضة جبراً على الإنسان؟ |
4387 |
|
|
4155 |
||
|
|
|
4 |
هل الهداية مفروضة جبراً على الإنسان؟
-----------------------
لنستطيع الإجابة على هذا السؤال، دعونا ننظر لقوله سبحانه وتعالى، حيث يقول في سورة الليل (إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى)، فالهداية كما نرى من هذه الآية، شيء كتبه الله على نفسه، فلو كانت الهداية مفروضة جبراً على الإنسان، لكان جميع البشر مهتدين، لأن أمر الله أن يكون كن فيكون، وهذا يقودنا إلى أن مفهوم الهداية هو شيء إختياري، ولا يمكن أن يكون جبري، فسبحانه وتعالى أنار لنا الطريق، لنستطيع تمييز ما هو صالح وما هو فاسد، يقول سبحانه وتعالى في سورة البلد 90 - آية 10 (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)، أي بينا للإنسان طريق الخير وطريق الشر، وعليه أن يسير على طريق الخير، وعليه أن يبتعد عن طريق الشر، لاحظ هنا إستخدام كلمة (هَدَيْنَاه)، بمعنى الهداية، فالهداية هدية من الله للإنسان، إما أن يقبلها وإما أن يرفضها، وهذه الأية تتضح وتتشابه ويفسرها حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: (كل أمتي تدخل الجنة يوم القيامة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول اللّه؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى) "أخرجه البخاري وأحمد عن أبي هريرة". وعلى نفس النسق وبنفس النمط، يكون في الآية السابقة حذف للبلاغة، ويكون تقدير هذه الآية (ولكن الله يهدي من يشاء قبول الهداية)، ولننظر لقوله سبحانه وتعالى في سورة فصلت 17 (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، وهنا يتضح بما لا شك فيه، أن الله يهدي الناس، ولكن الناس قد ترفض هداية الله لها وتستحب الكفر أو الضلال، يقول سبحانه وتعالى في سورة الزخرف 40 (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)، فمن يرفض هذه الأيات البينات، فإنه يظلم نفسه، وليس كما يدعي هؤلاء الظلمة بأن الله ظلمهم وأنه لم يهدهم، يقول سبحانه وتعالى في سورة يونس 42-44 (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (42) وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ (43) إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)، وهذه الفئة الظالمة من الناس والتي ظلمت نفسها ظلماً عظيما بعدم السير على صراط الله في الدنيا، يحشرها الله عمياناً يوم القيامة، يقول سبحانه وتعالى في سورة طه 20 - أيات (125-126) (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (126) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى)، وبهذا نخلص إلى أن الهداية ليست مفروضة كجبر على الإنسان ويتضح هذا من قوله سبحانه وتعالى في سورة السجدة 32 - آية 13 (وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)، ويقول سبحانه وتعالى في سورة الأنعام 6 - آية 149 (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)، ويقول سبحانه وتعالى في سورة النحل 16 - آية 9 (وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)، وفي هذه الآيات يوضح عز وجل سبب ترك قبول الهداية لإنسان، يقبلها أو يرفضها، حيث أن الجبر في قبول الهداية أو رفضها، لا يقيم الحجة على الإنسان، فكيف يكون إدخال العاصي للنار حقاً، إذا كان الله قد أجبره على عدم قبول الهداية، وكيف يكون إدخال المطيع الجنة عدلاً إذا أجبره سبحانه وتعالى على الهداية. |