نبضات من التفسير في سورة الفاتحة الحلقة الثامنة عشر - الرؤية هي عملية تحليل للصور داخل الدماغ

 

HTM

PDF

Wave

الموضوع

موضوع

نبضات من التفسير في سورة الفاتحة الحلقة الثامنة عشر - الرؤية هي عملية تحليل للصور داخل الدماغ

4409

تحميل

مطوية نبضات من تفسير الفاتحة 18

4163

جدد إيمانك بالله مع أساسيات الدين الإسلامي

4

 

الرؤية هي عملية تحليل للصور داخل الدماغ

-------------------------

يسقط الضوء على الأجسام في الطبيعة، ثم تنظر العين لجسم ما فينتقل هذا الضوء للعين، وترتسم الصورة على شبكية العين فيحدث البصر، تنتقل الصورة المرسومة في خلفية العين عن طريق الأعصاب لتصل للدماغ، يتلقف الفؤاد هذه الصور ويحللها ويربطها مع ما عنده من معلومات سابقة مخزنة ويفهمها، وفي اللحظة التي تصبح هذه الصورة معلومة لديه تتحقق الرؤية، أي نكون قد رأينا هذا الجسم، وقد تتم الرؤية من خلال العين، وقد تتم داخل الدماغ حتى لو كنا مغمضين العينين ففي قوله عز وجل (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) (يوسف12: 4) فهنا يقول يوسف أنه رأى أحد عشر كوكباً، وكما هو معلوم أن الرؤية هنا هي من خلال رؤيا في المنام أي إني رأيت في منامي أحد عشر كوكباً، وقد يغمض الإنسان عينيه ويأخذ بتصور أمور داخل دماغه، وهذه رؤية داخلية تصورية، كما أن الأعمى يستطيع أن يتحسس الأشياء بيديه ويجسد لها صوراً ذهنية داخل دماغه ويحفظها لكي يتعرف عليها في المستقبل. وفي قوله عز وجل (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (البقرة2: 260)، هنا يطلب سيدنا إبراهيم من ربه أن يمكنه من رؤية عملية إحياء الموتى رؤية العين، وليس رؤية عقلية تصورية إيمانية داخلية، بل رؤية عينية على الحقيقة يتقوى بها الإيمان الداخلي ويتعزز ويقوى، وفي قوله عز وجل (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) (الأعراف7: 143)، أيضاً يطلب سيدنا موسى أن يرى من خلال النظر بعينيه ما يقوي إيمانه، إلا أنه طلب أمراً خارقاً يفوق قدرة إحتمال جسده وعينيه، حيث طلب رؤية ذات الله العظيمة. ومع أنه عز وجل قال لموسى أنه لن يستطيع أن يراه، إلا أن كرمه سبحانه وتعالى وحبه فينا لم يجعله يغلق الباب في وجه سيدنا موسى، بل أنه طلب منه أن ينظر تجاه الجبل حيث سيتجلى عز وجل ليحاول رؤية ذاته الجليلة، وما أن تجلى سبحانه وتعالى للجبل صُعق موسى صعقةً قويةً لضعف جسده الدنيوي الذي يحمله، فأدرك موسى سوء إختياره وتاب لله عز وجل.