نبضات من التفسير في سورة الفاتحة الحلقة التاسعة عشر - رؤية العين ورؤية العقل

 

HTM

PDF

Wave

الموضوع

موضوع

نبضات من التفسير في سورة الفاتحة الحلقة التاسعة عشر - رؤية العين ورؤية العقل

4412

تحميل

مطوية نبضات من تفسير الفاتحة 19

4162

جدد إيمانك بالله مع أساسيات الدين الإسلامي

4

 

رؤية العين ورؤية العقل

--------------

قلنا أن الإنسان ينظر فتبصر العين ثم تنتقل الصورة للدماغ، فيرى الفؤاد هذه الصورة، ثم يعقلها ويقارنها مع مكتبة الصور المتخزنة لديه من ملايين وربما مليارات الصور، فيخرج كل ما له علاقة مع هذه الصورة، ثم يبدأ الفؤاد بإعداد خطط العمل المحتملة لتكون ردة فعل على هذه الصورة التى رأها، ثم تقوم الفؤاد بترتيب هذه الخطط بحسب أهميتها، ويرسل هذه الخطط للنفس، يتلقف القلب هذه الخطط، يدرسها، ويختار الخطة المناسبة، واضعاً عليها اللمسات الآخيرة، ويعيدها للدماغ من جديد، فيستقبلها الفؤاد ويبدء بتنفيذها، كل هذا يتم في جزء من إثنين وعشرين جزء من الثانية، حيث أن للعين القدرة على أن تبصر إثنين وعشرين صورة في كل ثانية.

ولا يشترط أن تكون الرؤية من خلال العين، فقد نغمض عيوننا ونتحسس شيئاً ما فندرك ماهيته ونرى صورة هذا الشيء في أدمغتنا من معلوماتنا السابقة، لذلك فإننا نرى كثير من آيات القرآن الكريم تطالبنا أن نرى أمور لا يمكن رؤيتها بالعين، إنظر لقوله عز وجل (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) (إبراهيم14: 19)، نسأل أنفسنا، مَن منا رأى خلق السماوات والأرض بعينيه؟ من المؤكد أنه ليس بيننا من شهد خلق السماوات والأرض، يقول عز وجل (مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا) (الكهف18: 51)، ولكن في المقابل، كل إنسان منا، عندما ينظر إلى السماوات والأرض ويتفكر بخلقهن، فإنه لا محالة يرى بعقله أن الله العزيز الجليل هو الذي خلقهن مع أنه عز وجل لم يشهدنا خلقن. فعندما سُؤل الأعرابي (ما دلك على الله؟) أجاب (البعر يدل على البعير، والروث يدل على الحمير، وآثار الأقدام تدل على المسير، فسماء ذات أبراج فيها قمر وسراج منير وأرض ذات فجاج ألا تدل على اللطيف الخبير) كذلك إنظر لقوله عز وجل (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ) (الفجر89: 6)، وقوله سبحانه وتعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) (الفيل105: 1)، فسيدنا محمد لم يرى بعينيه ماذا حصل لعاد، ولم يرى بعينه ماذا حصل لأصحاب الفيل، ولكن إنتقال الخبر من شخص موثوق لشخص آخر يجعل الخبر أقرب للتصديق وربما وصل لمثابة الرؤية العينينة، حيث يرى الشخص الخبر صوراً في دماغة، وعندما يأتي الخبر من الله عز وجل فإن الثقة العالية بصحته وصدقه تجعل منه بمثابة الرؤية العينية الحقيقية.