مختصرات: نبضات من تفسير الفاتحة الحلقة 28 - ووجدك ضالا فهدى

 

HTM

PDF

Wave

الموضوع

موضوع

تحميل

مختصرات: نبضات من تفسير الفاتحة الحلقة 28 - ووجدك ضالا فهدى

4490

جدد إيمانك بالله مع أساسيات الدين الإسلامي

4

 

في معنى قوله عز وجل في سورة الضحى (وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى)

------------------------------------

جاء في منتدى المسجد الأقصى موضوع بعنوان (الآيات البينات) للعضو يحيى حسن هذا نصه:

(من الأيات القرأنية التى تستمتع بسماع تفسيرها هو قوله تعالى (وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى). حيث قام بعض جهلة المفسرين بتفسيرها بطريقة خاطئة، تعالوا معاً نفسر ونوضح ما معنى كلمة (ضال) وهى تعنى (انحرف). فلو عدنا الى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى طفولته وشبابه فسوف تجده صلى الله عليه وسلم كان بعيداً عن مجالس الخمر والميسر وكان أبغض شيء يكره ان يشاهد قومه يعبدون الأوثان والأصنام وكان دائم التفكير بأنها لا تنفع ولا تضر وأن للكون خالق عظيم أحق بالعبادة، وعليه فمعنى (وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى) أن قومه من المشركين كانوا منحرفين عن سلوكه البعيد عن الخمر والميسر ومنحرفين عما يعتقده الرسول تجاه الأوثان والأصنام. كما ان لفظ (ضالاً) بمعنى الغافل سواء فى الأحكام أو الشرائع ولم يكن الرسول يعلم شيء عن الشرائع والأحكام والقرأن حتى هداه الله اليها عن طريق أمين الوحى جبريل عليه السلام. ومن تفسيرات السابقين لقوله تعالى (وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى) ان الله وجد الرسول ضالا فى قومه الذين يعبدون اصناماً فأنعم الله على رسوله بأن هداه لوحدانية الله ودين الحق. ويشتمل التفسير ايضا بأن الرسول تواجد فى قومٍ ضالين فهداهم الله على يدى رسوله صل الله عليه وسلم).

وكان هذا ردي على هذا الموضوع:

أخي الحبيب يحيى أكرمك الله، في معنى قوله عز وجل في سورة الضحى (وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى)، دعنا لا نتعجل في تجهيل البعض أو حتى رفع البعض الأخر عنان السماء بلا بينة أو برهان، فكل من قام بتفسير القرآن أو حتى قام بمحاولة تفسيره مخلصاً النية لله تعالى لا يمكن أن يكون جاهل، فالجهل كلمة عامة شاملة مطلقة، وما لا شك فيه أن كل من فسر القرآن أخطأ في أمر ما، ولا يمكننا أن نصفه بالجهل نتيجة الخطأ، فالخطأ أمر حتمي يقع على الإنسان، وهذا مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون) - المحدث: ابن باز - المصدر: مجموع فتاوى ابن باز - لصفحة أو الرقم: 27/2 - خلاصة حكم المحدث: صحيح، وهذا يعني أن الأنبياء قد يخطئوا، فكيف نُجهل الانبياء بأخطائهم؟! لذلك فإن المفسرين السابقين المجتهدين الذين أخلصوا النية لله تعالى لهم منزلةٌ عظيمة في قلوبنا وحظ وافر من إحترامنا وتقديرنا، اضف لهذا أن لكل موضوع ننظر إليه أكثر من زاوية رؤية، وربما إختلف شخصان على أمر ما وكان الإثنان مصيبين، بمعنى أن الصواب والخطأ، -ولا اقول الحلال والحرام- أقول الصواب والخطأ -أي ضمن دائرة المباح والإعتقاد السليم- قد يختلف من مكان لآخر ومن زمان لآخر، فما قد نعتقده صواباً ونحن شباب قد يصبح خطأ عندما نتقدم بالسن، والعكس صحيح، وما قد يراه الناس في المشرق صواباً قد يراه أهل المغرب خطأ، والعكس أيضاً صحيح، من أجل كل هذا، علينا عندما نصل لمنعطف تفكيري يحتاج قراراً بشأنه، أن نقوم بسؤال أهل الذكر كما ذكرت أنت، مصداقاً لقوله عز وجل في سورة النحل (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِم فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، وكما قال في سورة الأنبياء (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِم فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)، ثم نضع كل إحتمالات الأجوبة التي عندهم، وبجانبها نضع إعتقادنا نحن، وندرس كل هذه الإحتمالات، ونتدارسها ونتشاور بشأنها بعضنا مع بعض حتى نصل لرأي سليم يطمئن له القلب ويتوافق مع العقل ويتماشى مع قوانين العلم المثبتة والتي لا تتعارض مع صريح الدين، والآن وبعد هذا التقديم، دعنا نستقصي ونتدرج في معنى الضلالة والهداية -هذا الموضوع الشاق والشائك- بنقاط بسيطة وخفيفة حتى نضع إصبعنا على المعنى السليم الذي يطمئن له القلب:-

1. يجب أولاً وقبل كل شيء أن نفرق ما بين (الجاهل) والذي (لا يعلم)، وبرأيي أن الذي (لا يعلم) هو الذي لم تصله المعلومة فهو لا يعرفها أصلاً فهو (لا يعلم) أي أن المعلومة غير متوفرة وغير متاحه لهذا الشخص وليس هناك من وسيلة للوصول لها، أم الجاهل فهو الذي وصلته المعلومة ولكنه لم يستفد منها ولم يعمل بمقتضاها ولربما عمل بعكسها فوصل لدرجة (الحُمق)، فالمعلومة متوفرة والجاهل يعلم بوجودها ويستطيع الوصول لها ولكنه لم يأخذ بها فهذا (جاهل)، لذلك فنحن نطلق على عصر قرش قبل مجيء سيدنا محمد (عصر الجاهلية)، فهم كانوا على علم بأن الله هو رب العالمين إلا أنهم عبدوا الاصنام لتقربهم من الله، يقول عز وجل في سورة الزمر (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُم إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُم فِي مَا هُم فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَن هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ).

2. أدنى درجات الضلال هو عدم العلم أصلا، وهو ليس بعيب، ولكن يتوجب عليك السعي للحصول على العلم المانع لهذا الضلال، فدائما يجب أن يقر في قلوبنا أن هناك علمٌ لا نعلمه وأن علينا الحصول عليه، ودفع الضلال يدفع بإتجاه الهداية، فالهداية هي الخروج من الضلال.

3. درجة أعلى من هذه الدرجة من درجات الضلال، أن تكون قد هُديت وخرجت من دائرة الضلال ووصلت دائرة الهداية بأن عُلمت وتَعلمت العلم الحق ولكنك نَسيت أو نُسيت هذا العلم، وهنا فأنت تحتاج لتذكير لهذا العلم، ولا بد لك من مراجعة ومشاهدة ونظر وسمع وتدبر وتفكر ودراسة حتى تتذكر هذا العلم.

4. من أعلى درجات الضلال، أن يتم تعليمك ثم تنسى ثم يتم تذكيرك ولكنك ترفض التذكر، وتستبدل العلم الصحيح في قلبك بعلم خاطئ، ففي هذا الحالة تصبح (ضال) كما هو حال النصارى الضالين.

5. أما أعلى درجات الضلال على الإطلاق أن يتم تعليمك فتنسى ويتم تذكيرك فتتذكر ولكنك ترفض السير على مقتضى هذا العلم الذي تذكرته في قلبك، وهؤلاء يحل عليهم غضب الله ويصبحوا من (المغضوب عليهم) أمثال اليهود.

6. ليس الإنسان بقادر على الحصول على العلم لوحده، والله هو صاحب العلم ومصدره، لذلك كان الحديث القدسي في صحيح مسلم (يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته. فاستهدوني أهدكم) الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - لصفحة أو الرقم: 2577. فهذا الحديث يتكلم عن أول مرحلة من مراحل الضلال، الأولى اي عدم العلم (كلكم ضال) وكما قلنا يجب أن نسعى للحصول على العلم المانع لهذا الضلال (فأستهدوني)، ويتكلف لنا الله بتعليمنا (أهدكم) - كما علم آدم الأسماء كلها.

7. عندما خلقنا الله، إستودعنا في ظهر أبونا آدم على شكل سلالة من طين، وفي هذه الحالة كان (عدم العلم) هو الصبغة لجميع من في السلسلة.

8. عندم سُئل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام عن متى كنت نبياً يا رسول الله؟ أجاب أنه كان نبينا لما كان آدم ما بين الجسد والروح، ففي الحديث (قالوا يا رسول الله متى وجبت لك النبوة قال وآدم بين الروح والجسد)، الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - لصفحة أو الرقم: 3609 - خلاصة حكم المحدث: صحيح، ولا يمكننا هنا إلا أن نقول أن سيدنا محمد كان في مرحلة الضلال الأول - بمعنى عدم العلم.

9. قبل أن يهبط سيدنا آدم للأرض، أخذنا سبحانه وتعالى من ظهر سيدنا آدم وأخرجنا ونثرنا أمامه في عالم الذر وقال لنا، أنا الله، ولا إله إلا أنا، أتشهدوا بهذا؟ ونحن قلنا نعم نشهد يا الله، يقول عز وجل في سورة الأعراف (وَإِذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَأَشْهَدَهُم عَلَى أَنفُسِهِم أَلَسْتُ بِرَبِّكُم قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَن هَذَا غَافِلِينَ * أَو تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ ءَابَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِن بَعْدِهِم أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) وهذا هو العلم الدافع للضلال بإتجاه الهداية، ففي هذا العلم خرج الجميع من دائرة الضلال ودخلوا في دائرة العلم أي دائرة الهداية، وأقول الجميع من آدم إلى آخر الخلق يوم القيامة.

10. عندما أعادنا عز وجل إلى ظهر سيدنا آدم، بقي هذا العلم في قلوبنا فيما يعرف بالفطرة، حتى جاء الوقت المحتوم الذي شاء الله فيه أن ندخل في عالم الحياة الدنيا من خلال الولادة، يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كمثل البهيمة تنتج البهيمة، هل ترى فيها جدعاء.) - الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - لصفحة أو الرقم: 1385 - خلاصة حكم المحدث: [صحيح]. فإما أن يبقى هذا العلم في قلوبنا ونسعى بعقولنا وأفئدتنا لتذكر هذا العلم من خلال آيات الله في الكون ومن خلال الأنبياء والرسل والكتب السماوية فتتوسع دائرة الهداية والنور ويرتفع الإيمان والتقوى في قلوبنا، وإما أن نتراجع عن هذا العلم فنرتد ضالين خارجين من دائرة النور شيئا فشيء حتى نصل إلى أعلى مراتب الضلال فنصبح من (الضالين - أمثال النصارى)، أو أن نتكبر على حقيقة ما علمناه معتقدين أننا أفضل من غيرنا فنصبح من (المغضوب عليهم - أمثال اليهود).

- الآن، آن الآوان لأن نعود لآيتنا الكريمة وننظر إليها وحال سيدنا محمد فيها، فسيدنا محمد خُلق وكان كما كان باقي الخلق في دائرة الضلال، أُخرج من ظهر سيدنا آدم وأجاب الله بأن قال (بلى شهدنا) فخرج من دائرة الضلال لدائرة الهداية، ثم ولد في الدنيا وفي قلبه كلمة (لا إله إلا الله) يستشعرها ويراها في آيات الله في الكون، في السماء في الماء في الهواء في التراب في نفسه في كل شيء، ويريد أن يتعلم عنها أكثر وأكثر محبةً لله وتقرباً له عز وجل، إلا أنه لم يجد أحد يعلمه ويفقه ويدله على الطريق، فهل إستسلم كما كان يفعل البقية؟ هل ترك السؤال كما تركه غيره؟ هل ركن إلى الإجابات الخاطئة التي لم يقبلها قلبه بأن عبد الأصنام كما فعل غيره؟ لا لم يستسلم، ولم يترك السؤال، ولم يجعل الدنيا تلهيه عن هذا الأمر الجليل العظيم، لقد أصر على السؤال وألح للحصول على الإجابة، حتى أنه خرج يتعبد الله في الجبال وفي المغارات والمغر، أصر على الله أن يعلمه ويفقهه ويدله على الطريق، حتى جاءه الفرج من الله بأن أمده الله بكلماته وعلمه، فارسل له الملك الآمين جبريل عليه السلام بأول كلمات الله التي تشكره على سعيه للمعرفة والتعلم وتطلب منه أن يصر ويصبر ويتعلم (اقْرَأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِن عَلَقٍ * اقْرَأ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم) - فكان فضل الله عليه صلى الله عليه وسلم عظيماً أن مَنَّ عليه بالعلم، وهذا معنى قوله عز وجل (وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى).

خلاصة القول في الهداية والضلال

" البعض يعتقد أن الهدايةَ أمرٌ يتعلق بالإنسان وحده، وأنه هو الذي يقرر في أي طريق يسير، طريق الهداية أو طريق الضلال، وهذا الإعتقاد ناقص، لأنه ليس بإمكاننا أن نتعرف على طريق الهداية من طريق الضلال، أو أن نتعرف على الصواب من الخطأ أو نميز الحلال من الحرام بلا أمر الله، فالحلال ما أحله الله والحرام ما حرمه الله، والصواب ما صوابه الله، والخطأ ما خطاءه الله، أضف لهذا كله أننا لا نستطيع أن نسير في طريق الصواب أو حتى في طريق الخطأ بلا حول ولا قوة من الله، فنحن معدومي القوة والحول ولا نستطيع أن نفعل أي شيء مهما كان بسيط لوحدنا، ونحن بحاجة أن يمددنا أو يمدنا الله بقوة وحول من عنده كي نتمكن من فعل الأشياء، تذكر قولك عند خروجك من بيتك أو عند سماعك للمؤذن والذي علمنا إياه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (لا حول ولا قوة إلا بالله)، فلا حركة ولا سكون إلا أن يشاء الله، حتى في علوم الفيزياء يقول العلماء (الجسم الساكن يبقى ساكناًَ والجسم المتحرك يبقى متحركاً ما لم تؤثر عليه قوة تغير من حركته أو سكونه).

" البعض الآخر، يعتقد أن الهداية كلها من الله مفروضٌ علينا، وليس لنا شأن فيها، متمسكين بفهمهم لقوله عز وجل في سورة القصص (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَن أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، وهذا الإعتقاد أيضاً خطأ، فكأننا نقول أن الكافر كافرٌ لأن الله فرض عليه الكفر وأن المطيع مطيع لأن الله فرض عليه الطاعة.

" والحق أن الامر هو بين بين، فلا هو جبر بالكلية، ولا هو خيار بالكالية، فالله هو خالق كل شيء، فليس من مخلوقاته من هو قادر على فعل شيء إلا أن يشاء الله أن يمده أو يمدده بحول منه وقوله، إلا أن الله قد خلق فينا المشيئة التي نستطيع من خلالها أن نقرر ماذا نريد أن نفعل، أن نذهب يميناً أو أن نذهب يساراً، وهذه القرار الداخلي الذي نسميه النية، هو ما يحاسبنا عليه سبحانه وتعالى، يقول صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل إمرئ ما نوى)، فإن نحن قررنا أن نقوم بعمل ما، فإن الأمر عائد لله بأن يأذن بحدوثه أو لا يأذن، فلسنا من يقوم بالعمل، وليس عندنا قوه العمل، ولكن الله يحدث الأمور وينشيئها ويخلقها عندما يشاء، فنتيجة النية أو العمل إنما هي من لله، لذلك فإن الله لا يحاسبنا على النتيجة ولكن يحاسبنا على النية، ولكن من كرمه عز وجل أنه إذا صدف أن وافقت نيتنا نحن فعل الله وعمله ضاعف لنا الحسنه لعشرة أمثالها، وهكذا هو الحال في الهداية والضلال، فقد جعل الله فينا المشيئة أن نستطيع أن نختار السير في طريق الهداية أو السير في طريق الضلال، أما الطريق فهو من خلق الله، وأما السير فيه فهو من حول الله وقوته ومشيئته، ولكن من كرمه عز وجل، أنه إن نحن قررنا أن نسير في طريق الخير فإن الله ييسر لنا هذا الطريق ويمددنا بقوة وحول أكبر مما يحتاجه هذا العمل، فنعتقد ونظن أننا من قام بالعمل، أما إن نحن قررنا أن نسير في طريق الضلال، فإن الله يصعب علينا الطريق على أمل أن نتركه، ولكن إن نحن أصرينا على السير فيه، فإن الله لا يمنعنا جبراً بل ويمدنا -بمعنى يعطينا على قدر ما طلبنا- بالقوة والحول التي تمكننا من معصيته بإذنه سبحانه وتعالى، فيعتقد العاصي أنه إستطاع أن يعصي الله، فما أكرمك يا الله، فما من ملجء منك إلا إليك. اللهم علمنا ما جهلنا، أللهم ذكرنا ما نسينا، اللهم علمنا التأويل، أللهم علمنا التفسير، اللهم فقهنا في الدين، اللهم إفتح علينا فتوح العارفين، أللهم أمددنا بعلمك وقوتك وحولك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالين.