مختصرات: نبضات من تفسير الفاتحة الحلقة 28- خلاصة القول في الهداية والضلال

 

HTM

PDF

Wave

الموضوع

موضوع

مختصرات: نبضات من تفسير الفاتحة الحلقة 28- خلاصة القول في الهداية والضلال

4491

جدد إيمانك بالله مع أساسيات الدين الإسلامي

4

 

خلاصة القول في الهداية والضلال

-------------------

" البعض يعتقد أن الهدايةَ أمرٌ يتعلق بالإنسان وحده، وأنه هو الذي يقرر في أي طريق يسير، طريق الهداية أو طريق الضلال، وهذا الإعتقاد ناقص، لأنه ليس بإمكاننا أن نتعرف على طريق الهداية من طريق الضلال، أو أن نتعرف على الصواب من الخطأ أو نميز الحلال من الحرام بلا أمر الله، فالحلال ما أحله الله والحرام ما حرمه الله، والصواب ما صوابه الله، والخطأ ما خطاءه الله، أضف لهذا كله أننا لا نستطيع أن نسير في طريق الصواب أو حتى في طريق الخطأ بلا حول ولا قوة من الله، فنحن معدومي القوة والحول ولا نستطيع أن نفعل أي شيء مهما كان بسيط لوحدنا، ونحن بحاجة أن يمددنا أو يمدنا الله بقوة وحول من عنده كي نتمكن من فعل الأشياء، تذكر قولك عند خروجك من بيتك أو عند سماعك للمؤذن والذي علمنا إياه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (لا حول ولا قوة إلا بالله)، فلا حركة ولا سكون إلا أن يشاء الله، حتى في علوم الفيزياء يقول العلماء (الجسم الساكن يبقى ساكناًَ والجسم المتحرك يبقى متحركاً ما لم تؤثر عليه قوة تغير من حركته أو سكونه).

" البعض الآخر، يعتقد أن الهداية كلها من الله مفروضٌ علينا، وليس لنا شأن فيها، متمسكين بفهمهم لقوله عز وجل في سورة القصص (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَن أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، وهذا الإعتقاد أيضاً خطأ، فكأننا نقول أن الكافر كافرٌ لأن الله فرض عليه الكفر وأن المطيع مطيع لأن الله فرض عليه الطاعة.

" والحق أن الامر هو بين بين، فلا هو جبر بالكلية، ولا هو خيار بالكالية، فالله هو خالق كل شيء، فليس من مخلوقاته من هو قادر على فعل شيء إلا أن يشاء الله أن يمده أو يمدده بحول منه وقوله، إلا أن الله قد خلق فينا المشيئة التي نستطيع من خلالها أن نقرر ماذا نريد أن نفعل، أن نذهب يميناً أو أن نذهب يساراً، وهذه القرار الداخلي الذي نسميه النية، هو ما يحاسبنا عليه سبحانه وتعالى، يقول صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل إمرئ ما نوى)، فإن نحن قررنا أن نقوم بعمل ما، فإن الأمر عائد لله بأن يأذن بحدوثه أو لا يأذن، فلسنا من يقوم بالعمل، وليس عندنا قوه العمل، ولكن الله يحدث الأمور وينشيئها ويخلقها عندما يشاء، فنتيجة النية أو العمل إنما هي من لله، لذلك فإن الله لا يحاسبنا على النتيجة ولكن يحاسبنا على النية، ولكن من كرمه عز وجل أنه إذا صدف أن وافقت نيتنا نحن فعل الله وعمله ضاعف لنا الحسنه لعشرة أمثالها، وهكذا هو الحال في الهداية والضلال، فقد جعل الله فينا المشيئة أن نستطيع أن نختار السير في طريق الهداية أو السير في طريق الضلال، أما الطريق فهو من خلق الله، وأما السير فيه فهو من حول الله وقوته ومشيئته، ولكن من كرمه عز وجل، أنه إن نحن قررنا أن نسير في طريق الخير فإن الله ييسر لنا هذا الطريق ويمددنا بقوة وحول أكبر مما يحتاجه هذا العمل، فنعتقد ونظن أننا من قام بالعمل، أما إن نحن قررنا أن نسير في طريق الضلال، فإن الله يصعب علينا الطريق على أمل أن نتركه، ولكن إن نحن أصرينا على السير فيه، فإن الله لا يمنعنا جبراً بل ويمدنا -بمعنى يعطينا على قدر ما طلبنا- بالقوة والحول التي تمكننا من معصيته بإذنه سبحانه وتعالى، فيعتقد العاصي أنه إستطاع أن يعصي الله، فما أكرمك يا الله، فما من ملجء منك إلا إليك.

اللهم علمنا ما جهلنا، أللهم ذكرنا ما نسينا، اللهم علمنا التأويل، أللهم علمنا التفسير، اللهم فقهنا في الدين،

اللهم إفتح علينا فتوح العارفين، أللهم أمددنا بعلمك وقوتك وحولك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالين.