السحر - استخدام الجن في إحداث التخييل
HTM |
|
Wave |
الموضوع |
موضوع |
|
|
|
12054 |
|
|
|
|
12002 |
|
|
|
|
13 |
استخدام الجن في إحداث التخييل
-------------------
يكون هذا النوع بعد قراءة الساحر لعزائم ورقى شركية فيها تعظيم للجن الذين يحدثون نوعاً من الصور والخيالات في مخيلة الشخص حسب رغبة الساحر، وقد فصل ابن خلدون هذا النوع حيث يقول: ?سحر التخيل هو أن يعمد الساحر إلى القوى المتخيلة فيتصرف فيها بنوع من التصرف، ويلقي فيها أنواعا من الخيالات والمحاكاة وصوراً مما يقصده من ذلك، ثم ينزلها إلى الحس من الرائين بقوة نفسه المؤثرة فيه، فينظر الراؤن كأنها في الخارج وليس هناك شيء من ذلك? ?مقدمة ابن خلدون - 498?، وقال أيضاً بعد أن قسم النفوس الساحرة إلى مراتب ثلاث:{والثالث تأثير في القوى المتخلية: يعمد هذا التأثير إلى القوى المتخلية فيتصرف فيها بنوع من التصرف ويلقي فيها أنواعاً من الخيالات وصوراً مما يقصده من ذلك ثم ينزلها إلى الحس من الرائين} مقدمة ابن خلدون/ م:2 ص:194.، وهذا النوع من السحر هو الذي استخدمه سحرة فرعون حيث يقول عز وجل في سورة طه 20 - آية 65: ?قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِىَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى?، وقال عز وجل في سورة الأعراف - الآيات 115-122 ?قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِىَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ * قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ * وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِىَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِىَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا ءامَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ?. وهذا النوع كذلك هو الذي استخدمه اليهودي لبيد بن الأعصم في سحره للنبي صلى الله عليه وسلم حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله، فقد ثبت من حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: ?سُحِرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنه ليخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعله? ?متفق عليه?.
وقد ذكر ابن بطوطة أنه شاهد حالات لهذا النوع من السحر في رحلاته حيث يقول: إنه {شاهد ببلاد الصين مشعوذاً أخذ كرة من خشب لها ثقب فيها سيور طوال فرمى بها في الهواء فارتفعت حتى غابت عن الأبصار ونحن في وسط المشور أيام الحر الشديد، فلما لم يبق من السير في يده إلا يسيراً أمر متعلماً له فتعلق به وصعد في الهواء إلى أن غاب عن أبصارنا فدعاه فلم يجبه ثلاثاً فأخذ سكيناً بيده كالمغتاظ وتعلق بالسير إلى أن غاب أيضاً، ثم رمى بيد الصبي إلى الأرض ثم رمى برجله ثم بيده الأخرى ثم برجله الأخرى ثم بجسده ثم برأسه ثم هبط وهو ينفخ وثيابه ملطخة بالدم فقبل الأرض بين يدي الأمير وكلمه بالصيني وأمر له الأمير بشيء، ثم إنه أخذ أعضاء الصبي فألصق بعضها ببعض وركضه برجله فقام سوياً، فعجبت منه وأصابني خفقان القلب... فسقوني دواءًا أذهب عني ما وجدت وكان القاضي أفخر الدين إلى جانبي فقال لي: والله ما كان من صعود ولا نزول ولا قطع عضو وإنما شعوذة} رحلة ابن بطوطة/ ص:629 ط:1968.
وقال ابن القيم: ?وفي الموطأ عن كعب قال: كلمات أحفظهن من التوراة، لولاها لجعلتني يهودٌ حماراً: أعوذ بوجه الله العظيم، الذي لا شيء أعظم منه، وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وبأسماء الله الحسنى، ما علمت منها وما لم أعلم، من شر ما خلق وذرأ وبرأ? ?بدائع التفسير - 5 / 412?، قلت: وليس المقصود من قول الإمام مالك -رحمه الله- تعالى أن لسحر اليهود قدرة على تغيير الأمور وقلب حقيقتها التي خلقت عليها، ولكن قد يكون القصد من الكلام آنف الذكر إما التهويل وقدرة سحرة اليهود وبراعتهم في هذا الأمر، وإما أن يكون القصد قدرة سحرة اليهود على قلب الحقيقة في نظر الرائي دون المرئي وهو ما يسمى بسحر التخييل والله تعالى أعلم.
قصة واقعية: يقول فضيلة الشيخ عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين - حفظه الله - ?حكى لنا بعض العامة أن ساحراً أتى إلى صاحب غنم ومعه شاه يقودها بأذنها، وطلب من صاحب الغنم أن يعطيه بدلها كبشاً ليذبحه لرفقته، ففعل ذلك صاحب الغنم، فبعد أن ذهب بالكبش تبين أن تلك الشاة التي جاء يقودها كانت حشرة من دواب الأرض قد لبس بها على عين الراعي الذي ذهب في أثره حتى أدركه مع رفقته وقد ذبحوا الكبش، فسألهم عن صاحب الكبش الذي لبس عليه، فدلوه على الساحر فجعل يوبخه، ثم مد يده إليه ليبطش به، وقبض على رأسه فانقلع رأسه في يده وتعلق بحنجرته، فذهل الراعي وهرب معتقداً أنهم من الشياطين? ?الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة - ص 113، 114?.
قصة واقعية: ?يروى أن ساحراً كان يأتي الحانوت ليشتري أغراضه، ويدفع ثمن هذ الحاجيات مالاً ورقياً، يأخذه البائع ويدخله مع باقي غلته، ثم بعد ذهاب الساحر، يجد البائع أن ما قبضه من مال من هذا الساحر قد تحول لورق أبيض?.
ولعل هذا النوع من السحر "سحر تخيل" ما سيكون على يد الدجال إذا تمعنا جيداً الأحاديث التالية: ?عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:?يخرج الدجال فيتوجه قِبَلَه رجلٌ من المؤمنين فتلقاه المسالح، مسالح الدجال فيقولون له: أين تعمد فيقول: أعمد إلى هذا الذي خرج، قال: فيقولون له: أو ما تؤمن بربنا؟ فيقول: ما بربنا خفاء، فيقولون: اقتلوه، فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم أن لا تقتلوا أحداً دونه! قال: فينطلقون به إلى الدجال، فإذا رآه المؤمن قال: يا أيها الناس، هذا الدجال الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فيأمر فيشبح فيقول: خذوه شجوه، فيوسع ظهره وبطنه ضرباً قال: فيقول أو ما تؤمن بي؟ قال فيقول: أنت المسيح الكذاب قال: فيؤمر به فيؤشر بالمئشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له: قم فيستوي قائماً قال ثم يقول له: أتؤمن بي؟ فيقول: ما ازددت فيك إلا بصيرة قال: ثم يقول يا أيها الناس إنما لا يفعل بعدي بأحد من الناس قال: فيأخذه الدجال ليذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاساً فلا يستطيع إليه سبيلاً قال: فيأخذ بيده ورجله فيقذف به فيحسب الناس أنما قذفه في النار وإنما ألقي في الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين? صحيح مسلم. وعن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ?معه جنة ونار فناره جنة وجنته نار? صحيح مسلم. وعن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ?لأنا أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران يجريان أحدهما رأي العين أبيض والآخر رأي العين نار تأجج فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه ناراً وليغمض ثم ليطأطىء رأسه فيشرب منه فإنه ماء بارد? صحيح مسلم.، فهذه الأحاديث النبوية تبين أن هذا الكذاب المسمى المسيخ الدجال يعرف فنون السحر جيداً ويستخدمها لفتنة الناس ومن هذه الفنون سحر التخييل المسلط على مخيلة الإنسان بفعل تدخل الجن الذي يصور في هذه المخيلة ما شاء الساحر تصويره. |