الزواج - المهر - الصداق - خير الصداق أيسره - أقلكن مهورا أكثركن بركة
HTM |
|
Wave |
الموضوع |
موضوع |
|
|
الزواج - المهر - الصداق - خير الصداق أيسره - أقلكن مهورا أكثركن بركة |
166 |
|
|
|
97 |
||
|
|
|
4 |
خير الصداق أيسره
-----------
(سئلت عائشة كم كان صداق نساء النبي (صلى الله عليه وسلم), قالت: "صداقه في أزواجه اثنتي عشرة أوقيه ونشا)، هل تدري ما النش؟ هو نصف أوقية وذلك خمس مائة درهم" (صحيح ابن ماجه:1531)، وعن أبي العجفاء، واسمه هرم بن نسيب، قال: سمعت عمر يقول: ((لا تغلوا صداق النساء فإنَّها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي (صلى الله عليه وسلم)، ما أصدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) امرأة من نسائه ولا أصدق امرأة من بناته، أكثر من اثنتي عشرة أوقية)). وكما هو معروف، الأوقية أربعون درهم، والدرهم الإسلامي مقداره ربع ريال سعودي، فخمسمائة درهم مجموعها مائة ريال سعودي فضة وخمسة وعشرون ريالاً. هذا هو مقدار صداق الرسول (صلى الله عليه وسلم) لأزواجه وبناته. والله سبحانه يقول:(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب: 21)، فالمغالاة في الصداق ليست مكرمة في الدنيا، ولا تقوى في الآخرة، بل إسراف والله لا يحب المسرفين. وعن أنس -رضي الله عنه- (أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة فقال ما هذا أو مه فقال: يا رسول الله إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب, فقال: بارك الله لك أولم ولو بشاة) (صحيح ابن ماجه: 1548)، هذا صداق عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه-، مع العلم أنَّه من أغنياء الصحابة، والمراد بالنواة، هي نواة التمر، وقدَّرها بعض العلماء بربع دينار، والدينار أربع أسباع جنيه سعودي، وربع الدينار قيمته خمسة دراهم، والدراهم الخمسة، هي ريال وربع ريال سعودي من الفضة، وفي ذلك عبرة لمن اعتبر. وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (خير الصداق أيسره) (صحيح الجامع: 3279). فيا سبحان الله العظيم أين هذه الأمثلة العالية الرفيعة مما يسمع في هذا الزمن من التنافس في غلاء المهور، وكسر ظهور الشباب الذين يريدون الزواج من أجل العفاف؟ رجلٌ يطلب لابنته مهراً بمئات الآلاف، وآخر يشترط لنفسه سيارة أو منزلاً، وغيرها من الشروط التي تنفِّر الشاب من الزواج، حتى إذا تزوج تحمَّل بالديون الثقال إلى سنين طوال بل إن بعضهم يبلغ ولده إلى سن الحلم وهو حتى الآن لم ينته من تلك الديون. والله المستعان.
وهذا سؤال أوجِّهه إلى كل وليِّ أمر ولاَّه الله رعاية أمة من إمائه فأقول:
" هل تريد أن تكون حياة ابنتك بعد الزواج مع زوجها، حياةً سعيدة، بعيدةً عن هم الديون والفقر؟.
" أم تريد أن تكون حياتها بعد الزواج مع زوجها، حياةً ممتلئةً بالأحزان والهموم، والمطالبة بالديون، بل ربما حاول زوجها الانفصال عنها حتى يسدد الديون التي كانت من وراء زواجه منها؟
لا شك ولا ريب أنَّ الأب الحنون المؤمن بالله والسائر على سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يريد إلاَّ الحياة السعيدة المطمئنة، لابنته ولزوجها. فإذا كان هذا فاتبع هدي الحبيب (صلى الله عليه وسلم) في صداق ابنتك وكن كما قال (صلى الله عليه وسلم): (يسِّروا ولا تعسِّروا) (صحيح الترغيب: 2674).
وإليك هذه القصة التي سجلها التاريخ، وتحدث الناس بها، إنها قصة ذلك العالم الجليل، النقيِّ التقيِّ، سيد التابعين، وفقيه المدينة النبوية، إنه سعيد بن المسيب (رحمه الله).
قال ابن كثير في البداية والنهاية: (وقد زوج سعيد بن المسيب ابنته، على درهمين لكثير بن أبي وداعة، وكانت من أحسن النساء، وأكثرهم أدباً، وأعلمهم بكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وأعرفهم بحق الزوج، وكان زوجها فقيراً فأرسل إليه خمسة آلاف، وقيل بعشرين ألفاً وقال: استنفق هذه، وقد كان عبد الملك خطبها لابنه الوليد فأبى سعيدٌ أن يزوجه بها). فرحم الله سعيد بن المسيب فإنَّه لم يزوِّج ابنته من أجل المال والرياء والسمعة، وإنما زوجها من أجل الدين والستر والأخلاق الفاضلة والاستقامة، وهكذا ينبغي أن يزوج الأولياء مولياتهم إن كانوا رجالاً مؤمنين ناصحين. فالمشروع تخفيف المهر وتقليله وعدم المنافسة في ذلك عملاً بالأحاديث الكثيرة الواردة في ذلك، وتسهيلاً للزواج، وحرصاً على عفة الشباب والفتيات، ولا يجوز للأولياء اشتراط أموال لأنفسهم لأنه لا حق لهم في ذلك، بل الحق للمرأة وحدها إلاَّ الأب خاصة فله أن يشترط ما لا يضرّ بالبنت ولا يعيق تزويجها، وإن ترك ذلك فهو خيرٌ له وأفضل، وقد قال تعالى: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (النور: 32) وقال (صلى الله عليه وسلم) من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه-: (خير الصداق أيسره) (صحيح الجامع: 3279). وقال (صلى الله عليه وسلم) لمَّا أراد أن يزوج أحد أصحابه، امرأةً وهبت نفسها له (صلى الله عليه وسلم): (التمس ولو خاتماً من حديد) فلمَّا لم يجد زوَّجه إيَّاها على أن يعلَّمها من القرآن سوراً عدّدها الخاطب. (صحيح أبي داود: 1856)، وكانت مهور نسائه (صلى الله عليه وسلم) خمسمائة درهم تعادل اليوم مائة وثلاثين ريالاً تقريباً. ومهور بناته أربعمائة درهم تعدل اليوم مائة ريال سعودي تقريباً، وقد قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (الأحزاب من الآية: 21) وكلما كانت التكاليف أقل وأيسر سهل إعفاف الرجال والنساء وقلَّت الفواحش والمنكرات وكثرت الأمة. وكلَّما عظمت التكاليف وتنافس الناس في المهور قلَّ الزواج وكثر السفاح وتعطل الشباب والفتيات إلاَّ من شاء الله. فنصيحتي لجميع المسلمين في كلِّ مكان تيسير النكاح وتسهيله والتعاون في ذلك والحذر كل الحذر من المطالبة بالمهور الكثيرة والحذر أيضاً من التكاليف في الولائم والاكتفاء بالوليمة الشرعية التي لا تكلِّف الزوجين كثيراً أصلح الله حال المسلمين جميعاً ووفقهم للتمسك بالسنة في كلِّ شيء. |